السبت، 21 مايو 2011

اشتغالات (14) قصة الشيخ الحكيم والشابين التي أبكت الملايين وأضحكتهم في آن واحد !

بقلم / محمد أبوعزت
القاهرة الساحرة أم الدنيا ، عروس المدائن ، أكبر العواصم العربية على الاطلاق بطيب اهلها وحلاوة نيلها وخلود تاريخها وشموخ اثارها وفقر السواد الاعظم من شعبها وكثافة سكانها وزحمة شوارعها وازمة مرورها بالرغم من كثرة كباريها وانفاقها ومع ذلك تعاني كما يعاني غيرها من ازمة مواصلاتها .
معضلة ليس لها حل ارجعها البعض الى الزيادة السكانية في حين ارجعها اخرون الى زيادة نسبة الانجاب التى بدورها تؤدي الى زيادة عدد السكان وأنا - وأعوذ بالله من كلمة أنا - اوافق الرأيين كليهما بالاضافة الى شوية حاجات كده .
في احدي الحافلات الحكومية - اتوبيس المحافظة أوالسرفيس - التى تقل المواطنين والعاملين والطلاب والموظفين الى شؤونهم وأعمالهم وقضاء حوائجهم ، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب اذا رايتها حسبتها عُلبة سردين مملح برائحة عرق ركابها وأدخنة شكمانها وحرارة موتورها وبطئ حركاتها وزحام مقاعدها وصفوفها وطرقاتها واصطفاف والتحام والتصاق ما بها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، منهم الجالسون ومنهم الواقفون ومنهم النائمون ومنهم المتحرشون ومنهم السارقات والسارقون ومنهم البائعون ومنهم المتسطحون وقليل منهم على الابواب عالقون أو خلفها مهرولون - يومياً على دا الحال - لايكلون ولايملون .
وفي هذه الاثناء صعد شيخ حكيم بلغ من الكبر عِتياً ووهن العظم منه واشتعل راسه شيباً وترك الدهر بصماته على ملامحه الوقوره وملابسه الرثة الرديئة وطربوشه الذي أكل عليه الدهر وشرب وعصاه التى يتوكأ عليها ولا أظن أن له فيها مآرب أخري .
وبشهامة ورجولة وايثار المصريين تلك المعاني النبيلة والروح الخفيفة التى لا تجدها عند شعب دون المصريين من اقصى العالم الى اقصاه ، قام أحد شباب مصر وأجلس الشيخ مكانه بجوار صديقه ودار بين الشيخ والشابين كليهما الحوار كالآتي :-
الشيخ : بارك الله فيك يا بني ... اه  اه  اه ... روح الله يزوجك 
الشاب الواقف : تاني كفاية واحدة ياعم الشيخ ، نعمة ورضا والحمد لله .
الشيخ : عاوز نصيحتي يابني من راجل عجوز انت وكل اللى في الاتوبيس 
ووسط اهتمام وانصات ومتابعة الجميع لحوار الشيخ مع الشابين وكأن على رؤسهم الطير جميعاً رجالا ونساءا شيوخا وشبابا واطفالا وقف الجميع وقفة مع الزمن الجميل بذكرياته وخبراته حلوها ومرها فولها وعدسها وبصلها وأسأل مجرب ولا تسألشي ... 
الشيخ : كل يوم تقوم من النوم تبوس يد زوجتك وش وضهر أنت فاهم ... 
وهنا ألح فضول الشاب الاخر الجالس بجوار الشيخ الحكيم ليتوجه اليه مستفهماً ومتعجباً قائلاً :
الشاب الاخر : واللى مش متزوج ياعم الشيخ يعمل ايه ؟؟؟
الشيخ : يبوس ايديه الاتنين وش وضهر على النعمة اللى هو فيها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق